من نعيم الجنة

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى ( ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ) أي : يطوف على أهل الجنة للخدمة ولدان من ولدان الجنة ( مخلدون ) أي : على حالة واحدة مخلدون عليها ، لا يتغيرون عنها ، لا تزيد أعمارهم عن تلك السن . وقوله : ( إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ) أي : إذا رأيتهم في انتشارهم في قضاء حوائج السادة ، وكثرتهم ، وصباحة وجوههم ، وحسن ألوانهم وثيابهم وحليهم ، حسبتهم لؤلؤا منثورا . ولا يكون في التشبيه أحسن من هذا ، ولا في المنظر أحسن من اللؤلؤ المنثور على المكان الحسن .قال قتادة ، عن أبي أيوب ، عن عبد الله بن عمرو : ما من أهل الجنة من أحد إلا يسعى عليه ألف خادم ، كل خادم على عمل ما عليه صاحبه .

(وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا) مملكة لله هناك عظيمة وسلطانا باهرا .
من تفسير ابن كثير رحمه الله

قوله تعالى ( ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ) قال بعض السلف هذا وصف الخادم فكيف بالسيد!.في الجنة انهار من لبن وانهار من خمر وانهار من عسل، وفواكه ليست مثل فواكه الدنيا، وجوه مشرقه تتلألأ ضحكا وسرورا فما منهم الا وملكه لا يعدله ملك ولم تصل له فكره ولم يخطر بقلب أحد من البشر. تلبس المرأة في الجنة سبعون حلة -اي فستان- وترى عروق ساقها من شدة بياضها ، "يقول النبي صلى الله عليه وسلم (لو ان ظفر امرأة من الحور العين اطل على الدنيا لأضاءها) هذا ظفرها فكيف بها!" الشيخ المحدث ابي اسحاق الحويني.

يقول ابن القيم في وصف الحور العين
والشمس تجري في محاسن وجهها،والليل تحت ذوائب الأغصان
فتراه يعجب وهو موضع ذلك من،ليل وشمس كيف يجتمعان

ويقول ايضا
والبرق يبدو حين يبسم ثغرها،فيضيء سقف القصر بالجدران
وهذه بعض الأبيات من قصيدته في وصف الحور رحمه الله.

ما الدنيا امام الآخره الا قطره في بحر قال صلى الله عليه وسلم( واللهِ ! ما الدُّنيا في الآخرةِ إلَّا مِثْلُ ما يَجعلُ أحدكُمْ إصبعَهُ هذهِ - وأشارَ يحيى بالسبابةِ - في اليمِّ . فلينظرْ بِمَ يَرجِعُ ؟)صحيح مسلم.
الآخره التي يضحي ويفرط بها أكثر الناس موضع السوط فيها -اي متر واحد تقريبا- خير من الدنيا وما عليها!، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (موضعُ سَوْطِ أحدكم من الجنةِ خيرٌ من الدنيا وما عليها) صحيح البخاري

فكما نُقدِّم ساعات لأجل الدراسه او العمل، علينا ان نقدِّم لأجل الخلود والنعيم بعض الوقت والجهد مما كلف الله به من اعمال البر والصلاة في مواقيتها وبر الوالدين والصدقه والذكر وحسن الخلق والبعد عن الكبر والحسد واهانة الضعيف.فإذا نظرنا لحال أكثرنا في التفريط في الصلاة والمحافظه على اوقات الدراسه او العمل علمنا ان الموفق من وفقه الله، ومن لم يرى فضل الآخره كيف له ان يعمل لها "ومن عرف ربه أحبه ومن عرف الدنيا ابغضها" كما يقول ابن القيم رحمه الله .

هذا حال السعداء واما الأشقياء -اعاذنا الله واياكم من الإهانة والعذاب
قال تعالى في سورة الفجر: ( وجيء يومئذ بجهنم ) قال الإمام مسلم في صحيحه :قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام ، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها " . وقوله : ( يومئذ يتذكر الإنسان ) أي : عمله وما كان أسلفه في قديم دهره وحديثه ، ( وأنى له الذكرى ) أي : وكيف تنفعه الذكرى ؟